انفاس حواء

انفاس حواء (https://anvash.com/index.php)
-   منتدى القرآن الكريم وعلومه (https://anvash.com/forumdisplay.php?f=6)
-   -   بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ (https://anvash.com/showthread.php?t=1055)

ام معاذ 11-09-2019 06:02 PM

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
 
الازدواجية والنفاق من أمراض كثير من المسلمين اليوم:
إنسان مبتدع جاء بشيء ليس من الدين لماذا تبجِّله وتعظِّمه وتبدي أعلى درجات الاحترام له ؟ فأنت بهذا كنت مِعْوَلاً هدم الدين، فهذه الازدواجية وهذا النفاق من أمراض المسلمين اليوم:ï´؟ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) سورة البقرةï´¾


أنا أُصَدِّق طبيباً إذا نصحني أن أدع الملح مثلاً منعاً لارتفاع الضغط ، لمَ لا تنصاعُ لنصيحة خالق الأكوان ؟ قال الإمام الغزالي: "يا نفسُ لو أن طبيباً منعكِ من أكلةٍ تحبينها لا شكَّ أنكِ تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندكِ من الله ؟ إذاً ما أكفركِ، أيكون وعيد الطبيب أشد عندكِ من وعيد الله ؟ إذاً ما أجهلكِ ".
كأن الله عزَّ وجل يقول: هذه دعوى فأين البرهان ؟ تدَّعون أن الجنَّة لكم وحدكم ولكن ما برهانكم على ذلك ؟ وما العمل الذي إذا فعلتموه ارتقيتم عند الله عزَّ وجل ؟ وأنت لاحظ عندما يكون إنسان شارداً تائهاً غافلاً عن الله يناقش مؤمناً، يقول له: أنا إيماني أقوى من إيمانك، أنا إيماني بقلبي ! لكنه في سلوكه ليس منضبطاً أبداً، ثم يدعي أن إيمانه بقلبه، أخرج ديناً جديداً، يقول: العبرة بالقلب، والمرأة الساقطة تقول كذلك، فلا يوجد إنسان ساقط بسلوكه إلا ويدعي أن إيمانه بقلبه هذه دعوى، كأن لسان حال هؤلاء يقول: يا رب ألا يدخل الجنة أحد ؟ هؤلاء تمنوا دخولها ولا يدخلونها، ألا يدخل الجنَّة أحد ؟ قال الله عزَّ وجل:ï´؟ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ (112) ï´¾


أي طبَّق أمر الله مخلصاً، الوجه يعبَّر به عن الذات، أنا أبتغي بهذا العمل وجه الله، أي أبتغي ذات الله عزَّ وجل، أشرف شيء بالإنسان وجهه، فأنت تقول: أبتغي وجه الله عزَّ وجل، أي أبتغي ذات الله عزَّ وجل .





خُلُقُ المؤمن:
قال تعالى:ï´؟ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ (112) ï´¾أي وجدته مطيعاً لله، وجدته وقَّافاً عند كلام الله، وجدته مؤتمراً بما أمر الله منتهياً عما نهى الله عنه، يرتاد بيوت الله، يبتعد عن أماكن اللهو، ويجعل دخله حلالاً، ويبتعد عن الدخل الحرام، ويُقيم الإسلام في بيته، أي أنه من فرقه إلى قدمه ينطق بإسلامه، إذا حدَّثك فبالقرآن والسنة، وإن نظر ضبط بصره وغَضَّه عن محارم الله، وإن استمع لا يستمع إلى منكر، إن نطق لا ينطق إلا بالحق، إن تكلَّم ذكر الله وإن سكت فكَّر في خلق الله، وإن رأى أدرك العبرة مما يرى .
أحياناً يقول لك إنسان: والله مؤمن ورب الكعبة ؛ بكلامه، وجلسته، ومشيته، ونظرته، وحديثه، ومواقفه، وعلاقاته، ومعاملاته، وبيته، وعمله هو مسلم إسلاماً خالصاً فقد سُئلت السيدة عائشة عن خلق رسول الله فقالت:(( كان خُلُقُه القرآن ))[مسلم عن عائشة رضي الله عنها]قال بعضهم: " القرآن كونٌ ناطق، والكون قرآنٌ صامت والنبي عليه الصلاة والسلام قرآنٌ يمشي " . المؤمن وقَّاف عند كتاب الله، يأتمر بما أمر، وينتهي عما عنه نهى وزجر، ولا يفعل إلا ما يرضي الله:

ï´؟ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ (112) ï´¾ï´؟ وَهُوَ مُحْسِنٌ ï´¾هذه الكلمة مطلقة، محسن في كل شيء ؛ محسن في عمله المهني، محسن في بيته، محسن في أفراحه، الفرح لا يستخفُّه، محسن في أحزانه، الحزن لا يسحقه، إنفاقه ولو كان غنياً ينفق الدرهم في مكانه الصحيح، محسن في كسب ماله لا يُخادع الناس، ولا يغشُّهم، ولا يحتال عليهم، ولا يأكل المال الحرام، ولا يأكل المال بالخِداع، فكلمةï´؟ مُحْسِنٌ ï´¾إنه محسن، متقن بعمله، صادق بكلامه، إذا وعد وفى، إذا حدَّث صدق، وإذا عامل أنصف، قال: هذا الذي أسلم وجهه لله وهو محسن هذا الذي يدخل الجنَّة، الجنَّة لمثل هؤلاء . وهذا درس لنا، أخلص لله عزَّ وجل، وطبِّق أمره، وأحسن .


يوجد في هذه الآية شيء تطبيقي وشيء إنشائي، أنت مستسلم لأمر الله، طبَّقت أمر الله وأنت محسن أي أن هناك عطاء، أنت قدَّمت شيئاً معنى محسن أي أنك قدَّمت شيئاً، فالاستسلام هو الاستقامة، والإحسان هو العطاء، وكل واحد منا لو سأل نفسه هذا السؤال: يا نفس ماذا قدَّمتِ ليوم القيامة ؟ ماذا قدَّمت للمسلمين ؟ ما العمل الذي يمكن أن تعرضيه على الله عزَّ وجل ؟ هذا سؤال دقيق . هناك إنسان يعيش لذاته، وهناك إنسان يعيش للآخرين، فقيمتك عند الله تساوي عملك الصادق، وأنت في الدنيا هنا من أجل العمل الصالح .


ï´؟ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ (112) ï´¾إسلام الطاعة وإسلام الإخلاص، أي أنه أطاع الله مخلصاً ثمَّ أعطى مما أعطاه الله، هل هناك إنسان ليست له ميِّزة ؟ هل هناك إنسان ليست له حرفة ؟ أو أنه لا يفهم شيئاً ؟ المؤمن الصادق يقدِّم جزءاً من اختصاصه، ومن حرفته، ومن خبرته، مما مكَّنه الله منه لوجه الله عزَّ وجل، فالطبيب يعالج المرضى الفقراء لوجه الله، والمحامِي المؤمن يتولَّى قضايا لأُناس فقراء لوجه الله، والتاجر المؤمن يؤدي زكاة ماله وينصح المسلمين، وما من حرفةٍ تستعصي عن أن تكون لوجه الله، ما من حرفةٍ تستعصي عن أن تعمل من خلالها العمل الصالح .





راتب النابلسىى


الساعة الآن 07:49 PM.

جميع الحقوق محفوظة, المشاركات في المنتدى تعبر عن راي الكاتبة وليس الموقع بشكل عام